مرة أخرى، تُصفع حرية الصحافة في المغرب، وهذه المرة من داخل مهرجان “صيف طنجة الكبرى”، الذي كان يفترض أن يكون مناسبة للاحتفاء بالفن والجمال، لا ساحةً لبلطجة نجل مسؤول جماعي، اعتدى بكل وقاحة على صحافي أثناء أدائه لمهمته، في مشهد صادم يعكس استهتاراً خطيراً بالمهنة وبالقانون على حد سواء.
المؤسف في الحادث، ليس فقط العنف الجسدي الذي تعرض له الصحافي، بل الصمت المريب للجهات المنظمة، وكأن ما حدث أمر عابر لا يستحق حتى بيان إدانة أو توضيح للرأي العام. هل أصبحت المهرجانات مناسبة لتصفية الحسابات مع الصحافيين؟ وهل يُعقل أن يُكافأ من يشتغل بمهنية بتلقي اللكمات وسحب الهواتف أمام أعين الجميع؟
الصحافي المعتدى عليه لم يقتحم المنصة، ولم يكن متطفلاً على الحدث، بل كان يحمل ترخيصاً رسمياً من إدارة المهرجان، ومع ذلك وجد نفسه في مرمى عدوانية شاب لم يتقبل، على ما يبدو، أن يُسلّط الضوء على تضارب المصالح الذي يحيط بعمل والده، وهو مستشار جماعي وفاعل في تنظيم الحدث ذاته. فهل أصبح القلم يهدد مناصب بعض المسؤولين إلى هذا الحد؟
إن ما وقع ليس مجرد حادث عرضي، بل مؤشر خطير على ما باتت تتعرض له الصحافة الحرة من مضايقات، حين تقترب من دوائر النفوذ. وعليه، فإن صمت السلطات عن هذه السلوكات يُعد تشجيعاً ضمنياً لها، ويضع مصداقية الشعارات الرسمية حول “حرية التعبير” و”صون كرامة الصحافيين” على المحك. لقد آن الأوان لكسر جدار الصمت، وربط المسؤولية بالمحاسبة، أياً يكن الفاعل.